قصور الأمويين
أخذ الأمويون بعد الفتح يميلون إلى حياة الترف والنعيم وتقليد غيرهم من الأمم باتخاذ
القصور المنيفة، فاستخدم الخلفاء والأمراء في العصر
الأموي بعض القصور الرومانية الموجودة في دمشق، كما شيدوا قصوراً كثيرة
اندثرت؛ لكون معظمها قد شيد من الطين أو الآجر، غير أن
حياتهم التي كانت قريبة العهد بالصحراء، قد دفعتهم إلى اللجوء إليها بين الفينة
والأخرى، وذلك بتشييدهم القصور الصحراوية في بلاد الشام
القبائل البدوية لحل مشكلاتهم وضمان ولائهم تأميناً لخطوط التجارة
والحجيج،واستجلابهم إلى صفهم ضد الحركات الثورية والخارجية التي
التي كانوا يلجؤون إليها حنيناً لعهدهم القريب،وللتسرية والتسلية والاسترخاء،
بعيدين
عن جو العاصمة والمدينة وضوضائها، وللتواصل مع
تهدد عروشهم وممارسة أنشطة زراعية مهمة، كما عكست هذه القصور
مظاهر
فنونهم وحضارتهم الخلاّقة، ومن هذهالقصور:
************************************************
قصر سيس
يقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة دمشق، على مسافة 105كم منها، بناه الوليد بن
عبد الملك على سفح الهضبة البركانية المعروفة باسم جبل سيس، وعلى ضفاف
بحيرة قليلة العمق تتجمع فيها مياه الأمطار والسيول.
يتخذ القصر الشكل شبه المستطيل، أطوال أضلاعه 53×67م،باستثناء ضلعه
الجنوبي
الذي يبلغ طوله 66م، وتتوزع على الأضلاع مجموعة الأبراج الدفاعية نصف
الدائرية، التي يبلغ عددها تسعة أبراج موزعة بمعدل ثلاثة أبراج في كل جانب،
باستثناء السور الشمالي الذي يتركز فيه أربعة أبراج، اثنان في الزوايا،وآخران
يحفان
بالبوابة المركزية التي تؤدي إلى دهليز مقبى، ينتهي بالصحن المكشوف،المحاط
بالأروقة المسقفة التي تشكل موزعاً لغرف الطابقين الأرضي المشيد من الحجر
البركاني المنحوت، والعلوي المشيد بالآجر واللبن؛ وقد كشفت أعمال التنقيب الأثري
الأخيرة التي أجرتها البعثة الألمانية، عن بقايا درابزين مزدان بالزخارف الجصية
التي
تأخذ شكل المحاريب، وكذلك العديد من الرسوم الجدارية، مما يشير إلى غنى
الزخرفة
الداخلية للقصر.
القصر أيضاً الجامع والحمام الذي يعد من أقدم الحمامات الإسلامية المشيدة
خارج المدن، هذا إلى جانب زخارفه الفريدة التي تعدمن أقدم الزخارف الإسلامية.
******************************
قصر عمرة
شيده الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في منطقة وادي البطم على بعد 50كم،
شمال غرب البحر الميت في البادية الأردنية، ويتألف من حمام ومنزل يؤرخان على
عهد الوليد بن عبد الملك (705ـ715م)، يحيط بالقصر سورأبعاده 50×25م، ويضم
مجموعة من الغرف والمخازن والإسطبلات، وقد شيد إلى جانب القصر الحمام المكون
من الصالة الكبرى ذات ثلاثة بلاطات (أروقة) المشيدة على نمط البازيليك،والتي
يتصدرها في الزوايا غرفتان صغيرتان منتهيتان بحنيات نصف دائرية، تحصران
بينهما قاعة مربعة الشكل، وتتصل القاعات فيما بينها وبين الأروقة بأبواب صغيرة،
في حين تم تسقيف الغرف والأروقة بأقباء طولية، محمولة على عقدين كبيرين،
يستندان إلى دعائم جدارية قليلة الارتفاع.
وتتصل الصالة الرئيسة الكبرى المشكلة لمجموعة المدخل مع الحمام عبر باب جانبي
صغير، يؤدي إلى قاعة الاستقبال الأولى في الحمام المستخدمة استراحة ومشلحاً، مع
الغرفة الباردة، ومن ثم الفاترة والحارة ذات التسقيف المقبب والمقبى، والأرضيات
المرصوفة بالرخام والفسيفساء، وكذلك الجدران المؤزرة بالرخام والرسوم الجدارية
ذات المضامين الفنية المختلفة، التي تمثلت في مشاهد الرقص، والألعاب الرياضية
ومشاهد الحب والطيور والحيوانات والتراكيب الهندسية، ويتميز الحمام بنظام توزيع
المياه الحارة التي تصل إلى أقسام الحمام كافة، وكذلك أنابيب توزيع البخار التي تعمل
على تدفئة الأقسام الجافة فيه كالمشلح.
وتعود أهمية الحمام إلى مجموعة اللوحات التزيينية التي غطت جدرانه الداخلية،
وبينها رسومات تمثل مشاهد صيد وطرب وموضوعات ميثولوجية وسياسية،
ولاسيما
اللوحة التي تمثل الملوك الذين انتص
ر عليهم المسلمون، أمثال كسرى وقيصر، وكذلك
الملك الإسباني رودريك الذي قتل في معركة غوادالينا في عهد الوليد عام 711م.
قصر المنيا
يقع هذا القصر إلى الشرق من بحيرة طبرية، تم الكشف عنه في الثلاثينات من القرن
الماضي، شيده الخليفة الأموي الوليد من الحجر الكلسي المشذب على أساسات
بازلتية، بارتفاع 40سم.
ويتخذ القصر الشكل المستطيل، المحفوف ببرج دائري في كل ركن من أركانه، وآخر
نصف دائري في منتصف كل جدار، باستثنا ءالجانب الشرقي، حيث يقع المدخل
الرئيس المحفوف ببرجين ربع دائريين بعرض 16م،يحصران بينهما صالة دائرية
مساحتها 6م2، ذات تسقيف على شكل قبة مزينة بإفريز وزهريات جميلة الحفر،
ارتكزت على أعمدة مثلثية دائرية؛ يفتح الباب الرئيس الذي يلي الصالة الدائرية على
قاعة أبعادها 7×11.5م، تؤدي بدورها إلى الفناء المركزي المفتوح، المحفوف
برواق مسقف مرفوع على أربع دعائم ركنية تأخذ شكل الزاوية، وتحصربينها في كل
ضلع ستة أعمدة تساعد على رفع سقف الرواق.
يقع المسجد في الجهة الجنوبية الغربية من القصر الذي قدرت أبعاده بنحو
13.1×19.42م والذي يتم الدخول إليه عبر بوابة متواضعة في ركن الفناء
المركزي
من الخارج؛ في حين يحتل الجزء الأوسط من الجانب الجنوبي مجموعة الغرف ذات
الزخارف الرائعة المخصصة للاستخدام الاحتفالي؛ ويتألف الجزء الأوسط من قاعة
ضخمة بعمق 20م، ذات مدخل ثلاثي يقسمها إلى رواق مركزي فسيح، وجانبين
صغيرين مفصولين بوساطة صف مكون من أربع دعائم في كل جانب، في حين
تميزت
جدران هذه القاعة بكسوتها الرخامية في الأجزاء السفلى من الجدار، وبلوحات
الفسيفساء التي كانت تغطي الجزء العلوي، وكسيت الأرضية بالقطع الزجاجية
الملونة
المطعمة بأوراق الذهب، ويتم الانتقال من هذه القاعة إلى غرفتين مستطيلتين
جانبيتين
مرتبطتين معها بباب أحادي، ومن جانبٍ آخر هناك باب ثانوي يؤدي عبر ممرجانبي
إلى الرواق الخلفي للمسجد، الأمر الذي يشير إلى أن استخدام هذه القاعة والغرف
المجاورة لها كان مقصوراً على الخليفة فقط.
في الجهة الغربية تتوضع مجموعة سكنية مستقلة مكونة من خمس غرف ذات
أرضيات مرصوفة بالفسيفساء، كانت تستخدم من قبل الأشخاصالمقربين من الخليفة.
قصر المشتَّى
ينسب هذا القصر إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي شيده في البادية الأردنية على
مسافة 32كم جنوب شرقي عمان، لكنه قتل قبل أن يكتمل البناء، وهو أهم قصر
أموي
في الأردن, يحيط بالقصر سور مربع يبلغ طول ضلعه 144م، ويحف به من الخارج
25 برجاً دفاعياً نصف دائري موزعه بترتيب منظم بمعدل خمسة أبراج بقطر خمسة
أمتار في كل ضلع، محصورة ضمن أبراج الزوايا التي يبلغ قطر الواحد منها سبعة
أمتار، باستثناء الجهة الجنوبية التي تتوسطها البوابة الرئيسة، والتي تتضمن ستة
أبراج بما فيها برجا البوابة نصفا المثمنين.
يتكون القصر من مجمعين رئيسين؛ جنوبي ويشكل مجموعة المدخل والحراسة
وكذلك
المجموعة الإدارية والمسجد، وشمالي، وهو الرئيس،وكان يتضمن قاعة العرش
وجناح الإقامة الخاص بالخليفة، ومن أهم ما يميز هذا القصر واجهته الحجرية
المزخرفة بأشكال نباتية وحيوانية وهندسية غاية في الروعة والغنى،وهي معروضة
اليوم في متحف البرغامون في برلين، بعد أن أهداها السلطان عبد الحميدإلى القيصر
غليوم الثاني.
0 التعليقات :