المسجد الكبير بمدينة صنعاء . اليمن

9:04 م Unknown 0 تعليقات


تُعدُّ اليمن في مقدمة الأقاليم العربية التي استجابت للإسلام، فما كاد صوت الدعوة 

الإسلامية يبلغ اليمن حتى توافدت القبائل اليمنية تُعْلن إسلامها، ومنذ ذلك الوقت 

ساهم اليمنيون في نشر الفتوحات الكبرى، وشاركوا في نشر الإسلام، فكانت اليمن 

أول قطر عربي خضع للدولة الإسلامية الجديدة، التي رفع قواعدها النبي صل الله 

عليه وسلم في المدينة، فأيَّدوه ونصروه وآمنوا برسالته، وخضعوا لخلفائه وتعاونوا 

معهم على تأييد الإسلام ونشر دعوته، فساهموا في الفتوحات الكبرى، فخرج أهل 

اليمن مع الفتح الإسلامي في جيش عمرو بن العاص، واستقرَّ عددٌ كبير من 


المجاهدين ومن القبائل اليمنية في بلاد الشام، وفي مختلف أقطار العالم الإسلامي.


وصنعاء عاصمة الجمهورية العربية اليمنية حاليًّا، تقع في شمال اليمن، وهي أكبر 
المدن اليمنية، وتحمل صنعاء اسم (مدينة سام) إلى اليوم، وتسمى أيضًا (آزال) وهو 
اسم ورد في كتاب العهد القديم (التوراة) وهو اسم لأحد أبناء يقطن بن عار، وأصل 
الكلمة في اللغة اليمنية القديمة بمعنى القوة والمنعة، فكلمة (صنع) تعني حصنًا ومنعًا 
و(تصنَّع) يعني تحصَّن.
وصنعاء من أقدم المدن الإسلامية، وفي حوالي عام 530م ظهر أبرهة الحبشي 
"صاحب الفيل"، والذي أراد هدم الكعبة المشرفة في السنة التي وُلد فيها النبي صل 
الله عليه وسلم، بعد سقوط الملك اليهودي ذي نواس، الذي اضطهد النصارى في 
صنعاء، وقد جعل أبرهة من هذه المدينة مقرًّا للوالي الحبشي، وقد انتشر الإسلام في 
اليمن بسرعة منذ ظهوره، وازداد انتشاره بعد أن فتحها المسلمون عام 16هـ/ 
636م، وكان أهل اليمن من أوائل الذين آمنوا بالرسول ونصروه، كما كان لهم أثرٌ 
كبيرٌ في نشر الدعوة الإسلامية.
وبدأت صنعاء، تلك المدينة العتيقة كقرية طيبة لا تحتل سوى مساحة صغيرة، ولكنها 
تزايدت في العهود الإسلامية، واتَّسعت دائرة سورها، وفي القرون الأخيرة استُحدثت 
في غربها مدينة (بير العزب) تلاصقها وربما تفوقها مساحة، وكان للوجود العثماني 
اليد الطولى في إنشائها؛ حيث كان بها مساكن موظفي الدولة العثمانية وحدائقهم.
ومنذ عام 1321هـ/ 1962م بدأت صنعاء تشهد تغييرات هائلة، واتساعًا سريعًا، 
وامتدت صنعاء القديمة و(بير العزب) خارج أسوارها، وتكثف زحفها العمراني في 
جميع الاتجاهات.
وتتميز صنعاء بتنوع آثارها وحضارتها، ومما يميز صنعاء ذلك التراث المعماري 
اليمني، وهو أكثر ما يلفت النظر في العاصمة ومختلف المناطق اليمنية، بالإضافة إلى 
النقوش الدقيقة والرائعة التي تظهر على جدران المنازل والقصور والمساجد والقلاع.
ويعد سد مأرب من أشهر السدود التي عرفت على مر التاريخ وهو يعتبر من عجائب 
الفن الهندسي.
 النشأة والتاريخ

كانت المساجد في طليعة المنشآت المعمارية الإسلامية في اليمن وصنعاء؛ حيث يعد 
المسجد من أهم معاهد الثقافة الأولى لدراسة العلوم الإسلامية والعربية، وقد كان في 
صنعاء القديمة 106 مساجد لم يبق منها عامرًا بالعبادة إلا أربعون، إلى جانب ما 
بُني 
خارج المدينة القديمة، بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م والتي بلغ تعدادها الآن حوالي 
مائتين وخمسين مسجدًا.

ومن أولى المساجد التي أُنشئت باليمن عامة وصنعاء خاصة الجامع الكبير، فهو 
بالنسبة لمدينة صنعاء أشهر معلم إسلامي، ويقع الجامع في المنطقة المعروفة بسوق 
الملح على بقايا قصر غمدان.

أما تاريخ بنائه فيعد جامع صنعاء الكبير أول مسجد إسلامي بُني خارج الجزيرة 
العربية، فقد تم بناؤه بناءً على أوامر الرسول صل الله عليه وسلم، واختلف فيمن قام 

بتأسيسه، فقيل الصحابي الجليل معاذ بن جبل، وقيل هو الصحابي وبر بن يحنس 
الأنصاري، وقيل بل الصحابي فروة بن مسيك المرادي، وقيل إبان بن سعيد، وقد 
أورد 
لنا الرازي الصنعاني في كتابه تاريخ صنعاء حديثًا عن عبد الله يقول: مسجد صنعاء 
أقدم من مسجد الجند؛ لأن رسول الله صل الله عليه وسلم بعث وبر بن يحنس 
الأنصاري في بناء مسجد صنعاء قبل الفتح وبعث معاذًا بعد الفتح، وذكر أن النبي 
حين 
أرسل وبر بن يحنس واليًا قال له: "ادعهم إلى الإيمان، فإذا أطاعوا لك به فأسرع 
لهم 
بالصلاة، فإذا أطاعوا لك بها؛ فمر ببناء المسجد لهم في بستان باذان من الصخرة التي 
هي أصل غمدان، واستقبل الجبل الذي يُقال له ضين".

ويذكر لنا الكسروي أنه ذكر له بعض المشايخ أن مسجد صنعاء بُني سنة 6 من 
الهجرة، وهناك بعض الدراسات تذكر أن الجامع بني سنة 9هـ، بأمر من سيدنا معاذ 
بن جبل، عندما وصل إلى اليمن وبعد إتمام بنائه اتجه إلى مدينة الجند وبنى مسجده، 
وأصحاب هذا الرأي يعتمدون على ما ذكرته المصادر التاريخية بأن أول جمعة أقيمت 
باليمن كانت سنة 9هـ، على عهد سيدنا معاذ بن جبل، كما أن التواجد السياسي 
الإسلامي لم تقو شوكته إلا في عهد سيدنا معاذ، ما يسمح ببناء مسجد للمسلمين في 
ظل التواجد اليهودي والمسيحي وحركة التنبئ التي قادها الأسود العنسي.

0 التعليقات :

بحث هذه المدونة الإلكترونية